د. جابر قميحة
بقلم: د. جابر قميحة
وسمعتُ الطرقَ على بابي
يغتالُ الليلْ
فإذا زوَّارُ الفجر ذئاب بشريةْ
معذرةً
أستغفر ربي
ما كان الذئب ليقتحم الأبوابَ كزوَّار الفجرْ
ما كان الذئب لينهش لحم أخيه الذئبِ
كزوار الفجر..
- مَن أنتم؟
- إنَّـا القانونُ.. وإنا الدولةْ
باسم الأمةِ .. واسم الأمنْ
جئنا نقتادك يا متآمرْ
- لحظاتْ..
لحظاتٍ يا زوَّارَ الفجرْ
- لحظات؟!!
لا وقتَ لدينا...
فهنالك غيرك من أعداء الأمةِ
أعضاءِ المحظورةْ"
***
واقتادوني باسم الأمةْ
يا للعارْ..
لا وقتَ لديهم حتى أزرعَ قبلةَ عطفٍ
في خد صغيري الراقدِ في الأحلامْ
حرموني حتى نظرة حبٍّ
أُودِعها بفراشِ صغيري
من عينٍ غامتْ بالآلامْ
واقتادوني.. للقضبانْ..
للسور الأعمى.. والطغيان..
والليلُ يشاهدُ والتاريخْ:
ملحمةَ الوثنِ المعبودِ
وحكايةَ فجرٍ خنقوهُ
وبحقدٍ عاتٍ حرقوهُ
ليكونَ بخورًا في الهيكلْ
في حب الوثن المعبودِ
***
رُحماكَ صغيري
يا هذا الراقدُ في الأحلامْ
تستيقظ في أول صبح تنهشُه الأحزانْ
وستسألُ "ماما" عن "بابا"
فتجيب بكلِمٍ مفجوعْ
وبقايا دمع مفزوعْ
"قد ذهب أبوك مع الزوَّارِ..
مع الأبطالْ
أبطالِ الملحمةِ العطشى لدماءِ الفجرْ
فرسانُ العارِ اقتادوهُ
لكبيرهمُ الوثنِ الشيطانْ
ليسجلَ بالسوطِ الأعشَى
نصرًا أعشى...
ليضمَّ لسِفْـر بطولاتِهْ
لحَماقاتِهْ..
زادًا من دمعٍ وأنينْ
ونخاعِ العدلِ المذبوحْ
في وطني العاني المجروح".
***
رحماكَ صغيري.. ما أذنبتْ
فلأني عشتُ رفيعَ الهامةْ
من أجل الجائع أتـألمْ
ولأني بلسانِ الحقِّ الشامخِ أتكلمْ
ولأني ما أطلقتُ بخورَ الزيفِ
سحاباتٍ وتحياتِ...
ورفضتُ أصلِّي في محرابِ العهرِ المفتونِ
ولأني قد عشتُ طَهورَ النظراتِ
أزرِي بالظلم المجنونِ
ووقفتُ على مصرِ الثكلى كلَّ لحوني
وعشقتُ الخيرَ ومصرَ وغصنَ الزيتونِ
ولأني لم أسرق بنكًا
ولأني لم أنهب أرضًا
ورفضتُ القيءَ شعاراتٍ
وأبيْتُ أقول لنكسةِ شعبي المغبونِ:
فلتحيا راياتُ القادةْ
وليحيا الوثنُ المعبودُ"
ولأني قد عشتُ- وحيدي- إنسانًا
أبكي للشعبِ المسحوقِ
ودماءِ العدلِ المشنوقِ
ألقَـى في أعماق الليلِ
أسيرَ القضبانِ
والسوطِ..
وبصقةِ سجانِ
مهترئَ الجبهةِ والصدرِ
لا أملكُ حتى وجداني..
***
وتمر ليالٍ.. وليالٍ..
حبلى باليأسْ..
أستشرفُ فيها لونَ الفجرْ
"أحبابي..
أصحابي..
ما لونُ الفجرْ..؟
أَنْسَانَا زوَّارُ الفجرِ بريقَ الفجرْ
***
لكنا.. وبروح اللهْ
يحدونا صوتٌ علويُّ
ويقينٌ حقٌ نبويُّ
بأن الفجرَ على الأبوابِ
يشق الليلَ... وظلمَ الليلِ
ويغمر بالأملِ الدفَّاقِ حنايا النفسْ
ويعطرُ مصرَ بصوتِ النصرْ
"بشراكم عشاقَ الفجرْ
قد جاء الحق وزهق الباطل"
ويذوبُ القيدْ..
تهوي القضبانْ
ينهارُ السجنُ على الأوثانْ..
على السجانْ..
يبتسم الأفقُ بألَقِ الشمسْ..
***
يطلق المصريون وخصوصًا الإسلاميين لقب "زوَّار الفجر" على رجال الأمن الذين يقتحمون في الفجر بيوت الآمنين من الدعاة, والأتقياء الأنقياء من حملة العقيدة, ويلقون القبض عليهم بأمر "السيد الكبير" و"قانون الطوارئ".. قانون الظلم والقهر والاستعباد.
نقلا عن اخوان اون لاين